فصل: ومن باب في تطويل الجمة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: معالم السنن



.ومن باب في النعال:

قال أبو داود: حدثنا محمد بن عبد الرحيم أبو يحيى حدثنا أبو أحمد الزبيري حدثنا إبراهيم بن طَهْمان، عَن أبي الزبير عن جابر قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينتعل الرجل قائمًا».
قال الشيخ: يشبه أن يكون إنما نهى عن لبس النعل قائمًا لأن لبسها قاعدًا أسهل عليه وأمكن له وربما كان ذلك سببًا لانقلابه إذا لبسها قائمًا فأمر بالقعود له والاستعانة باليد ليأمن غائلته والله أعلم.
قال أبو داود: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن الأعرج، عَن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يمشي أحدكم في النعل الواحدة لينتعلهما جميعًا أو ليحفهما جميعًا».
قال الشيخ: وهذا قد يجمع أمورًا منها أنه قد يشق عليه المشي على هذه الحال لأن وضع أحد القدمين منه على الحفاء إنما يكون مع التوقي والتهيب لأذى يصيبه أو حجر يصدمه ويكون وضعه القدم على خلاف ذلك من الاعتماد به والوضع له من غير محاشاة أو تقية فيختلف من أجل ذلك مشيه ويحتاج معه إلى أن ينتقل عن سجية المشي وعادته المعتادة فيه فلا يأمن عند ذلك العثار والعنت وقد يتصور فاعله عند الناس بصورة من إحدى رجليه أقصر من الأخرى ولا خفاء بقبح منظر هذا الفعل. وكل أمر يشتهره الناس ويرفعون إليه أبصارهم فهو مكروه مرغوب عنه.
قلت: وقد يدخل في هذا المعنى كل لباس ينتفع به كالخفين وإدخال اليد في الكمين والتردي بالرداء على المنكبين. فلو أرسله على إحدى المنكبين وعرَّى منه الجانب الآخر كان مكروهاَ على معنى الحديث ولو أخرج إحدى يديه من كمه وترك الأخرى داخل الكم الآخر كان كذلك في الكراهة والله أعلم.
قال أبو داود: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك، عَن أبي الزناد عن الأعرج، عَن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمنى وإذا نزع فليبدأ بالشمال وليكن اليمنى أولهما تُنعل وآخرهما تُنزع».
قال الشيخ: إذا كان معلومًا إن لبس الحذاء صيانة للرجل ووقاية لها فقد أعلم أن التبدية به لليمنى زيادة في كرامتها، وكذلك التبقية لها بعد خلع اليسرى وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبدأ في لبوسه وطهوره بميامنه ويقدمها على مياسره.

.ومن باب في الفُرُش:

قال أبو داود: حدثنا يزيد بن خالد الهمداني حدثنا ابن وهب، عَن أبي هانئ، عَن أبي عبد الرحمن الحبلي عن جابر بن عبد الله قال: «ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الفرش فقال فراش للرجل وفراش للمرأة وفراش للضيف والرابع للشيطان».
قال الشيخ: فيه دليل على أن المستحب في أدب السنة أن يبيت الرجل وحده على فراش وزوجته على فراش آخر ولو كان المستحب لهما أن يبيتا معًا على فراش واحد لكان لا يرخص له في اتخاذه فراشين لنفسه ولزوجته وهو إنما يحسن له مذهب الاقتصاد والاقتصار على أقل ما تدعو إليه الحاجة والله أعلم.

.ومن باب في اتخاذ الستور:

قال أبو داود: حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا ابن نمير حدثنا فضيل بن غزوان عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى فاطمة عليها السلام فوجد على بابها سِترًا فلم يدخل. قال وقل ما كان يدخل إلاّ بدأ بها قال وجاء علي كرم الله وجهه فرآها مهتمة فقال مالك، قالت جاء النبي صلى الله عليه وسلم إلي فلم يدخل فأتاه علي فقال يا رسول الله إن فاطمة عليها السلام اشتد عليها أنك جئتها فلم تدخل عليها، فقال وما أنا والدنيا والرقْم، فذهب إلى فاطمة فأخبرها بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت قل لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما تأمرني به قال قل لها فلترسل به إلى بني فلان».
قال الشيخ: أصل الرقم الكتابة قال الشاعر:
سأرقم في الماء القَراح إليكم ** على بعد أن كان للماء راقم

وقال فضيل بن غزوان كان سترًا موشى.

.ومن باب التصليب في الثوب:

قال أبو داود: حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا أبان حدثنا يحيى حدثنا عمران بن حِطان عن عائشة رضي الله عنها «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يترك في بيته شيئًا فيه تصليب إلاّ قضبه».
قال الشيخ: قوله: «قضبه» معناه قطعه والقضب القطع، والتصليب ما كان على صورة الصليب.

.ومن باب في الصورة:

قال أبو داود: حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن علي بن مدرك، عَن أبي زرعة بن عمرو بن جرير عن عبد الله بن نُجَي عن أبيه عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تدخل الملائكة بيتًا فيه صورة ولا كلب ولا جُنُب».
قال الشيخ: قد فسرنا هذا فيما تقدم من الكتاب، وذكرنا عن بعض العلماء أنه قال إن الجنب في هذا الحديث هو الذي يترك الاغتسال من الجنابة ويتخذه عادة وأن الكلب إنما يكره إذا كان اتخذه صاحبه للهو ولعب لا لحاجة وضرورة كمن اتخذه لحراسة زرع أو غنم أو لقنيص وصيد. فأما الصورة فهو كل ما تصور من الحيوان سواء في ذلك الصورة المنصوبة القائمة التي لها أشخاص وما لا شخص له من المنقوشة في الجدر والمصورة فيها وفي الفرش والأنماط، وقد رخص بعض العلماء فيما كان منها في الأنماط التي توطأ وتداس بالأرجل.
قال أبو داود: حدثنا وهب بن بقية حدثنا خالد عن سهيل بن أبي صالح عن سعيد بن يسار الأنصاري عن زيد بن خالد الجهني قال: قالت عائشة رضي الله عنها «خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض مغازيه وكنت أتحين قفوله فأخذت نمطًا كان لنا فسترته على العَرَض. فلما جاء استقبلته فقلت السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته الحمد لله الذي أعزك وأكرمك. فنظر إلى البيت فرأى النمط فلم يرد عليّ شيئًا ورأيت الكراهية في وجهه فأتى النمط حتى هتكه ثم قال إن الله لم يأمرنا فيما رزقنا أن نكسو الحجارة واللبن. قالت فقطعته وسادتين وحشوتهما ليفًا فلم ينكر ذلك عليّ».
قال الشيخ: العرض هو الخشبة المعترضة يسقف بها البيت ثم يوضع عليها أطراف الخشب الصغار يقال عرضت البيت تعريضًا.
قال أبو داود: حدثنا أبو صالح أنبأنا أبو إسحاق عن يونس بن أبي إسحاق عن مجاهد حدثنا أبو هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتاني جبريل فقال لي أتيتك البارحة فلم يمنعني أن أكون دخلت إلاّ أنه كان على الباب تماثيل وكان في البيت قِرام سِترٍ فيه تماثيل وكان في البيت كلب، فمر برأس التمثال الذي على الباب أن يقطع فتصير كهيئة الشجرة ومر بالستر فليقطع فليجعل منه وسادتان منبوذتان توطآن ومر بالكلب فليخرج ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا الكلب لحسن أو حسين عليهما السلام كانت تحت نَضَد لهم فأمر به فأخرج».
قال الشيخ: النضد متاع البيت ينضد بعضبه على بعض أي يرفع بعضه فوق الآخر ومنه قول النابغة:
فرفعته إلى السجفين فالنضد

والمنبوذتان وسادتان لطيفتان وسميتا منبوذتين لخفتهما ينبذان ويطرحان للقعود عليهما. وفيه دليل على أن الصورة إذا غيرت بأن يقطع رأسها أو تحل أوصالها حتى تغير هيئتها عما كانت لم يكن بها بعد ذلك بأس.

.كتاب الترجل:

قال أبو داود: حدثنا الحسن بن علي حدثنا يزيد حدثنا الجُريري عن عبد الله بن بريدة عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينهى عن كثير من الإرفاه».
قال الشيخ: معنى الإرفاه الاستكثار من الزينة وأن لا يزال يهيئ نفسه، وأصله من الرفه وهو أن ترد الإبل الماء كل يوم فإذا وردت يومًا ولم ترد يومًا فذلك الغب وقد أغبت فهي مغِبة فإذا جاوز ذلك صار ظمأ وأول الرِّبْع ولا يقال في الإظماء ثلث، ومنه أخذت الرفاهية وهي الخفض والدَّعة. كره رسول الله صلى الله عليه وسلم الإفراط في التنعم والتدلك والدهن والترجيل في نحو ذلك من أمر الناس فأمر بالقصد في ذلك، وليس معناه ترك الطهارة والتنظيف فإن الطهارة والنظافة من الدين والله أعلم.
قال أبو داود: حدثنا النفيلي حدثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن عبد الله بن أبي أمامة عن عبد الله بن كعب بن مالك، عَن أبي أمامة قال: «ذكر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا عنده الدنيا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا تسمعون ألا تسمعون إن البذاذة من الإيمان، إن البذاذة من الإيمان».
قال أبو داود، يَعني التقحل.
قال الشيخ: البذاذة سوء الهيئة والتجوز في الثياب ونحوهما، يقال رجل باذ الهيئة إذا كان رث الهيئة واللباس.

.ومن باب صلة الشعر:

قال أبو داود: حدثنا محمد بن عيسى وعثمان بن أبي شيبة المعنى قالا: حَدَّثنا جرير عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله رضي الله عنه أنه قال: «لعن الله الواشمات والمستوشمات، قال محمد والواصلات، وقال عثمان والمتنمصات ثم اتفقا والمتفلِّجات للحسن المغيِّرات خلق الله».
قال الشيخ: الواشمات من الوشم في اليد وكانت المرأة تغرز معصم يدها بإبرة أو مسلة حتى تدميه ثم تحشوه بالكحل فيخضر يفعل ذلك بدارات ونقوش، يقال منه وشمت تشم فهي واشمة، والمستوشمة هي التي تسأل وتطلب أن يفعل ذلك بها، والواصلات هن اللواتي يصلن شعورهن بشعور غيرهن من النساء يردن بذلك طول الشعر يوهمن أن ذلك من أصل شعورهن فقد تكون المرأة زعراء قليلة الشعر أو يكون شعرها أصهب فتصل شعرها بشعر أسود فيكون ذلك زورًا وكذبًا فنهى عنه، فأما القرامل فقد رخص فيها أهل العلم وذلك أن الغرور لا يقع بها لأن من نظر إليها لم يشك في أن ذلك مستعار، والمتنمصات من النمص وهو نتف الشعر من الوجه، ومنه قيل للمنقاش المنماص. والنامصة هي التي تنتف الشعر بالمنماص، والمتنمصة هي التي يفعل ذلك بها؛ والمتفلجات هن اللواتي يعالجن أسنانهن حتى يكون لها تحدد واشر يقال ثغر أفلج.

.ومن باب المرأة تتطيب للخروج:

قال أبو داود: حدثنا محمد بن كثير أنبأنا سفيان عن عاصم بن عبيد الله عن عبيد مولى أبي رهم، عَن أبي هريرة قال: «لقِيته امرأة وجد منها ريح الطيب ولذيلها إعصار فقال يا أمة الجبار جئت من المسجد، قالت نعم، قال وله تطيبت قالت نعم، قال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يقبل لامرأة صلاة تطيبت لهذا المسجد حتى ترجع فتغتسل غسلها من الجنابة».
قال الشيخ: الإعصار غبار ترفعه الريح.

.ومن باب الخلوق الرجل:

قال أبو داود: حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد أنبأنا عطاء الخراساني عن يحيى بن يعمر عن عمار بن ياسر قال: «قدمت على أهلي ليلًا وقد تشققت يداي فخلَّقوني بزعفران فغدوت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلمت عليه فلم يرد عليَّ السلام ولم يرحب بي وقال اذهب فاغسل هذا عنك فذهبت فغسلته ثم جئت فسلمت عليه فرد عليَّ ورحب بي وقال إن الملائكة لا تحضر جنازة الكافر بخير ولا المتضمخ بالزعفران ولا الجنب. قال ورخص للجنب إذا نام أو أكل أو شرب أن يتوضأ».
قال الشيخ: الردغ لطخ من بقية لون الزعفران والمتضمخ المتلطخ به.
وفيه دلالة على أن الجنب الذي لا تحضره الملائكة هو الذي لم يتوضأ بعد الجنابة، قيل هو الذي لا يغتسل من الجنابة ويتخذه عادة له فهو في أكثر أوقاته جنب.

.ومن باب في تطويل الجمة:

قال أبو داود: حدثنا محمد بن العلاء حدثنا معاوية بن هشام وسفيان بن عقبة السُّوائي هو أخو قبيصة بن عقبة وحميد بن خوار عن سفيان الثوري عن عاصم بن كليب قلت أراه عن أبيه عن وائل بن حجر قال: «أتيت النبي صلى الله عليه وسلم ولي شعر طويل فلما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ذُباب ذُباب، قال فرجعت فجززته ثم أتيته من الغد فقال إني لم أعنك وهذا أحسن».
قال الشيخ: أخبرني أبو عمر، عَن أبي العباس أحمد بن يحيى قال الذباب الشؤم.

.ومن باب في الذؤابة:

قال أبو داود: حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد أنبأنا أيوب عن نافع عن ابن عمر «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن القزع وقال: وهو أن يحلق الصبي ويترك له ذؤابة».
قال الشيخ: هكذا جاء تفسيره في الحديث وأصل القزع قطع السحاب المتفرقة شبه تفاريق الشعر في رأسه إذا حلق بعضه وأبقى بعضه بطخارير السحاب.